اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 465
أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاثة: الظهار والإيلاء والطلاق، فأقر الله
تعالى الطلاق طلاقا، وحكم في الإيلاء بأن أمهل الموالي أربعة أشهر، ثم جعل عليه أن
يفيء أو يطلق، وحكم في الظهار بالكفارة، فإذا تظاهر الرجل من امرأته يريد طلاقها،
أو يريد تحريمها بلا طلاق فلا يقع به طلاق بحال، وهو متظاهر، وكذلك إن تكلم
بالظهار ولا ينوي شيئا فهو متظاهر، لأنه متكلم بالظهار)[1]
وقال سيد قطب وهو يرسم الصورة التي جاء القرآن الكريم لتعديلها: (كان الرجل
في الجاهلية يقول لامرأته:أنت علي كظهر أمي. أي حرام محرمة كما تحرم علي أمي. ومن
ساعتئذ يحرم عليه وطؤها ؛ ثم تبقى معلقة، لا هي مطلقة فتتزوج غيره، ولا هي زوجة
فتحل له. وكان في هذا من القسوة ما فيه ؛ وكان طرفا من سوء معاملة المرأة في
الجاهلية والاستبداد بها، وسومها كل مشقة وعنت) [2]
فلما جاء الإسلام رفع عن المرأة هذا الخسف الجاهلي ؛ (وكان مما شرعه هذه
القاعدة: وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم، فإن قولة باللسان لا تغير
الحقيقة الواقعة، وهي أن الأم أم والزوجة زوجة ؛ ولا تتحول طبيعة العلاقة بكلمة !
ومن ثم لم يعد الظهار تحريما أبديا كتحريم الأم كما كان في الجاهلية، فجعل الظهار
تحريما مؤقتا للوطء - لا مؤبدا ولا طلاقا - كفارته عتق رقبة، أو صيام شهرين
متتابعين أو إطعام ستين مسكينا. وبذلك تحل الزوجة مرة أخرى، وتعود الحياة الزوجية
لسابق عهدها. ويستقر الحكم الثابت المستقيم على الحقيقة الواقعة: وما جعل أزواجكم
اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم.. وتسلم الأسرة من التصدع بسبب تلك العادة الجاهلية،
التي كانت تمثل طرفا من سوم المرأة الخسف والعنت، ومن اضطراب علاقات الأسرة