القول الثاني: يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها للسائل وغيره بما أذن فيه صريحاً، وبما لم يأذن فيه ولم ينه عنه إذا علمت رضاه به، وإن لم تعلم رضاه به فهو حرام، وهو قول جمهور الفقهاء، وقريب منه قول الإمامية[568]، والإذن ضربان: أحدهما: الإذن الصريح في النفقة والصدقة، والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة، كإعطاء السائل ونحوه مما جرت العادة به، واطرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضا الزوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم، قال ابن قدامة:( والإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي، فصار كأنه قال لها: افعلي هذا. فإن منعها ذلك، وقال: لا تتصدقي بشيء، ولا تتبرعي من مالي بقليل، ولا كثير لم يجز لها ذلك، لأن المنع الصريح نفي للإذن العرفي[569]، ومن الأدلة على ذلك[570]:
1. روي أن امرأة أتت النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقالت: يا رسول الله إنا كل على أزواجنا وآبائنا، فما يحل لنا من أموالهم ؟ قال: الرطب تأكلينه، وتهدينه[571].
[568] وإن كان قد ورد لهم رواية تفيد الجواز المطلق، قال المحقق النراقي: (اختلفت الروايتان في جواز تصدق المرأة عن بيت زوجها بغير إذنه.. ففي رواية جميل: (للمرأة أن تأكل وأن تتصدق، وللصديق أن يأكل من منزل أخيه ويتصدق) وفي رواية علي: المرأة لها أن تعطي من بيت زوجها بغير إذنه ؟ قال: (لا، إلا أن يحللها)، ويمكن الجمع بوجوه. والاولى في الجمع ما دلت عليه موثقة ابن بكير: عما يحل للمرأة أن تتصدق به من مال زوجها بغير إذنه، قال: (المأدوم)، فيخصص بالتصدق ومنه بالمأدوم، وعليه الفتوى. والظاهر الاختصاص بما إذا لم يقارب صريح النهي، أو العلم بالكراهة) (انظر: مستند الشيعة (15/ 29)