وقد
روي أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بعد أن نزلت عليه هذه الآية الكريمة، قام
يلتمسهم حتى أصابهم في آخر المسجد يذكرون الله، فقال: (الحمد لله الذي لم يمتني
حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا ومعكم الممات)[2]
ولهذا
كان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يدعو بلالا ـ كما يدعو كل المستضعفين ـ إلى عدم
السقوط في مستنقعات الدنيا، لأن فضلهم لم يكن سوى بسبب تلك القيم الممتلئة
بالتواضع، والتي وفرها لهم وقوفهم مع المستضعفين، ففي الحديث عن بلال، قال: (قال لي
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (يا بلال مت فقيرا، ولا تمت غنيا)، قلت: فكيف لي بذلك يا رسول الله؟
قال: (ما رزقت فلا تخبئ، وما سئلت فلا تمنع)، فقلت: يا رسول الله كيف لي بذلك؟
قال: (هو ذلك أو النار) [3]ولهذا ظل ممتلئا بالتواضع، ولم يتاجر بذلك الثناء الذي أثني عليه، وقد حدث
الشعبي قال: خطب بلال وأخوه إلى أهل بيت من اليمن، فقال: أنا بلال وهذا أخي، عبدان
[1]
رواه ابن ماجة في السنن برقم (4127)، وقال البوصيري في الزوائد (3/276): هذا إسناد
صحيح، هذا ما نراه صحيحا من الرواية، أما ما أضيف إليه من إقرار رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، وقولهم:
فاكتب لنا عليك كتابا، قال: فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب.. فغير صحيح، ويستحيل
على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يستسلم لأهوائهم.