اسم الکتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51
وكان من شهدائكم فيها مصعب بن عمير[1]،
ذلك الصحابي الجليل المجاهد السابق إلى الإسلام، ذلك الذي ترك العز الذي يعيشه،
ليلتحق بالإسلام، وهو في عز شبابته، ويتحمل الأذى بسببه، ومن أقرب الناس إليه..
ذلك الذي كان يبالغ في اهتمامه بمظهره
وزينته وشعره قبل الإسلام، وكانت أمة الثرية تكسوه أحسن الثياب وأرقها، وتعطره
بأجمل العطور وأغلاه، وكان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يقول عند ذكره له: (ما رأيت بمكة أحدا أحسن لمة،
ولا أرق حلة، ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير) [2]
لكن ذلك كله فارقه بعد إسلامه، فقد جهد ـ
كما يذكر الرواة عنه ـ جهدا شديدا حتى إن جلده كان يتحشف[3] كما
يتحشف جلد الحية[4]..
وقد روي أنه أقبل ذات يوم، والنبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم جالس في أصحابه، عليه قطعة نمرة قد وصلها بإهاب،
فلما رآه أصحاب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم نكسوا رؤوسهم رحمة له، ليس عندهم ما يغيرون عنه،
فسلم فرد عليه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وأحسن عليه الثناء وقال: (الحمد لله ليقلب الدنيا بأهلها، لقد
رأيت هذا (يعني مصعبا) وما بمكة فتى من قريش أنعم عند أبويه نعيما منه، ثم أخرجه
من ذلك الرغبة في الخير، في حب الله ورسوله) [5]
[1] انظر في ترجمته: ابن سعد، الطبقات الكبرى: 3/116، وابن عبد البر،
الاستيعاب: 3/468، وابن الأثير، أسد الغابة: 4/405، وابن حجر، الإصابة:3/421-422.