اسم الکتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 45
وبعد
أن بدأت المعركة، خرج رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يبشركم بقوله: (قوموا إلى جنة
عرضها السموات والأرض، والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا
مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة) [1]حين سمع ذلك رجل منكم، وهو عمير بن الحمام، وكان في يده تمرات يأكلهنّ،
قال، وهو ممتلئ بالبشارة: (بخ بخ[2] يا رسول الله، عرضها السموات والأرض؟!) قال a: نعم، قال: (أفما بيني وبين
أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟)، ثم قال: (لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها
لحياة طويلة) [3]، ثم قذف التّمرات من يده، وأخذ سيفه، وظل يقاتل، وهو يردد فرحا مسرورا:
ركضا إلى الله بغير زاد
إلّا التّقى وعمل المعاد
والصّبر في الله على الجهاد
وكلّ زاد عرضة النّفاد
وظل
على ثباته إلى أن رزقه الله تعالى الشهادة.وهكذا سار على طريقه حارثة بن سراقة، ذلك الذي استشهد
من غير أن يعرف قاتله، بعد أن أصابه سهم غرب[4] وقع في نحره، وقد جعل
ذلك أمه وأخته تتألمان، لا بسبب شهادته، وإنما خوفا من ألا يكون شهيدا بسبب عدم
معرفة القاتل[5].
لقد
قالت أمه عندما سمعت كيفية قتله: (والله، لا أبكي عليه حتى يقدم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،