اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 52
وهكذا كانت
رسائلك ـ وفي ذلك الجو الممتلئ بالفتن ـ دعوة للأخلاق، لأنك تربية من بعث ليتمم
مكارم الأخلاق.. فقد كنت تشعر أن الله ما ابتلاك بما ابتلاك به من أنواع البلاء
إلا ليقيم حجته على خلقك في أخلاقهم وتقواهم وتمسكهم بالقيم القرآنية في أحلك
الأوقات وأشدها.
ولذلك كان في
إمكانك سيدي ـ بعد أن توليت أمر المسلمين ـ أن توافق على ولاية معاوية، وتثبته على
الشام، لتضمن ولاءه وولاء من تبعه لك.. لكنك لم تفعل.. ولم تسمع لمن نصحك بذلك..
لأنك تعلم أن الطلقاء أبعد الناس عن فهم الإسلام.. ومن كان كذلك لا يحق له أن
يتولى أمر المسلمين.
لقد جاءك في
تلك الأيام العصيبة المغيرة بن شعبة بعد مبايعته، فقال لك: (إن لك حق الطاعة والنصيحة،
وإن الرأي اليوم تحرز به ما في غد، وإن الضياع اليوم تضيع به ما في غد، أقرر
معاوية على عمله، وأقرر العمال على أعمالهم، حتى إذا أتتك طاعتهم وبيعة الجنود
استبدلت أو تركت)، لكنك أبيت بشدة، وقلت: (لا أداهن في ديني، ولا أعطي الدنيئة في
أمري)[1]
حينها عرض
عليك المغيرة عرضا آخر، فقال: (فإن كنت أبيت عليّ فانزع من شئت واترك معاوية، فإنّ
في معاوية جرأة، وهو في أهل الشام يستمع له ولك حجّة في إثباته.. إذ كان عمر قد
ولّاه الشام)
لكنك قلت بكل
قوة: (لا واللّه.. لا أستعمل معاوية يومين)
وفي موضع
آخر، قال لك: إن أردت أن يستقيم لك الأمر، فاستعمل طلحة بن عبيد الله على الكوفة،
والزبير بن العوام على البصرة، وابعث معاوية بعهده على الشام، فقلت
[1] تاريخ
الأمم والملوك ج4 ص440 و 441 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص358 والكامل في
التاريخ ج3 ص197 و 198.
اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 52