اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 53
له: أتضمن
لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه؟! قال: لا.. فقلت: لا يسألني الله عز
وجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبداً ﴿وَمَا كُنْتُ
مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً﴾ [الكهف: 51] ، لكن أبعث إليه، وأدعوه إلى
ما في يدي من الحق، فإن أجاب فرجل من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن أبى
حاكمته إلى الله[1].
لقد كنت تعلم
ما سيفعله بك.. وكنت موقنا تماما من غدره.. لكنك مع ذلك لم تداهنه.. لسبب بسيط
عبرت عنه بقولك: (الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللّه، والغدر بأهل الغدر وفاء عند اللّه)[2]
وعبرت عنه
بقولك ـ بعد بيعتك ـ: (ذمّتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم، إنّ من صرّحت له العبر
عمّا بين يديه من المثلات، حجزته التّقوى عن تقحّم الشّبهات، ألا وإنّ بليّتكم قد
عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيّه a، والّذي بعثه
بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة، ولتغربلنّ غربلة، ولتساطنّ سوط القدر، حتّى يعود أسفلكم
أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا، وليقصّرنّ سبّاقون كانوا
سبقوا. واللّه، ما كتمت وشمة، ولا كذبت كذبة، ولقد نبّئت بهذا المقام وهذا اليوم..
ألا وإنّ الخطايا خيل شمس، حمل عليها أهلها، وخلعت لجمها، فتقحّمت بهم في النّار..
ألا وإنّ التّقوى مطايا ذلل، حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمّتها، فأوردتهم الجنّة،
حقّ وباطل ولكلّ أهل، فلئن أمر الباطل لقديما فعل، ولئن قلّ الحقّ فلربّما ولعلّ،
ولقلّما أدبر شيء فأقبل)[3]
هذه هي
التقوى والورع الذي رباك عليه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
والذي صحبك طول حياتك.. فلم تختر إلا الصراط المستقيم الذي لا يزيغ لا ذات اليمين،
ولا ذات الشمال،
[1] الفصول
المهمة لابن الصباغ ج1 ص358 والكامل في التاريخ ج3 ص198 و تاريخ الأمم والملوك ج3
ص460.