اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51
وهكذا كانت
كتبك إلى عمالك، أو من وليته أي أمر من أمور المسلمين، فقد كانت كلها أمر بالمعروف
ونهي عن المنكر، ونصيحة للمؤمنين.. فقد كتبت لبعضهم تقول: (أمّا بعد، فإنّ المرء
ليفرح بالشّيء الّذي لم يكن ليفوته، ويحزن على الشّيء الّذي لم يكن ليصيبه، فلا
يكن أفضل ما نلت في نفسك من دنياك: بلوغ لذّة، أو شفاء غيظ، ولكن إطفاء باطل، أو
إحياء حقّ. وليكن سرورك بما قدّمت، وأسفك على ما خلّفت، وهمّك فيما بعد الموت)[1]
وكتبت لآخر
تقول: (و تمسّك بحبل القرآن
واستنصحه، وأحلّ حلاله وحرّم حرامه، وصدّق بما سلف من الحقّ، واعتبر بما مضى من
الدّنيا لما بقي منها، فإنّ بعضها يشبه بعضا، وآخرها لاحق بأوّلها، وكلّها حائل
مفارق. وعظّم اسم اللّه أن تذكره إلّا على حقّ، وأكثر ذكر الموت، وما بعد الموت،
ولا تتمنّ الموت إلّا بشرط وثيق، واحذر كلّ عمل يرضاه صاحبه لنفسه، ويكره لعامّة
المسلمين، واحذر كلّ عمل يعمل به في السّرّ، ويستحى منه في العلانية، واحذر كلّ
عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره، أو اعتذر منه.. ولا تجعل عرضك غرضا لنبال القول، ولا
تحدّث النّاس بكلّ ما سمعت به، فكفى بذلك كذبا، ولا تردّ على النّاس كلّ ما حدّثوك
به، فكفى بذلك جهلا.. واكظم الغيظ، وتجاوز عند المقدرة، واحلم عند الغضب، واصفح مع
الدّولة، تكن لك العاقبة، واستصلح كلّ نعمة أنعمها اللّه عليك، ولا تضيّعنّ نعمة
من نعم اللّه عندك، ولير عليك أثر ما أنعم اللّه به عليك. واعلم أنّ أفضل المؤمنين
أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله، فإنّك ما تقدّم من خير يبق لك ذخره، وما تؤخّره
يكن لغيرك خيره، واحذر صحابة من يفيل رأيه، وينكر عمله، فإنّ الصّاحب معتبر بصاحبه) [2]