اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 95
عبادة،
ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة
لانه معالم الحلال والحرام ومنار سبل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في
الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء
والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتص آثارهم
ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم،
ويستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه لأن العلم
حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار
والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، التفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام،
به توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه
السعداء، ويحرمه الأشقياء)[1]
وكنت
تخبرهم أنه يمكن بالتعلم أن ينالوا كل المناصب الإلهية الشريفة التي وفرها الله
لعباده، لينالوا أنواع الجزاء العظيم.. فقد كنت تقول لهم: (أفضل العبادة الفقه،
وأفضل الدين الورع)[2]، وتقول: (فضل العلم خير من فضل العبادة،
وخير دينكم الورع)[3]، وتقول:
( قليل العلم خير من كثير العبادة، وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله، وكفى بالمرء
جهلا إذا أعجب برأيه)[4]، وتقول:
(ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد،
ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين