اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 90
نفسه،
ولا مصيره.. فينصحونه باقتحام الحياة بكل جرأة متخليا عن كل القيم.. لكنك سيدي
تهدم كل ذلك بتلك المبادئ الأخلاقية العظيمة التي أسست لها، والتي تقوم على
الحياء، ورعاية مشاعر الآخرين.. لقد قلت في ذلك: (استحيوا من اللّه حقّ الحياء)[1]، ثم فسرت ذلك بقولك: (الاستحياء
من اللّه حقّ الحياء: أن تحفظ الرّأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت
والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدّنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللّه حقّ
الحياء)
وهكذا
كانت حكمك تحض على الكرم والترفع، وتنهى عن الأنانية وكل ما يرتبط بها، فقد كنت
تقول: (إنّ اللّه كريم يحبّ الكرم، ويحبّ معالي الأخلاق، ويكره سفسافها)[2]
وهكذا
كانت حكمك تحض على مخالطة الناس، والصبر على أذاهم، فقد كنت تقول:( المؤمن مألف
مألوف حيي ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس)[3]، وتقول: (إنّ أحبّكم إليّ
أحاسنكم أخلاقا، الموطّئون أكنافا، الّذين يألفون ويؤلفون، وإنّ أبغضكم إليّ
المشّاءون بالنّميمة المفرّقون بين الأحبّة الملتمسون للبراء العيب)[4]، وتقول: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى)[5]
[1]
رواه الترمذي وقال: غريب، ورواه أحمد والحاكم والبيهقي. وقال الحاكم: صحيح وأقره
الذهبي.
[2]
رواه الحاكم واللفظ له وقال: صحيح الإسناد، ورواه الطبراني في الكبير.