وهكذا
كنت تحفز على كل أعمال الخير بتلك البشارات العظيمة التي أتاحها الله لك.. فحولت
من المجتمع المسلم إلى مجتمع صالح من غير أن تقدم لهم أي جائزة مادية، أو تعدهم
بأي وعود كاذبة.. بل كان وعدك الأعظم، وبشارتك الكبرى جنة الله التي لا يشقى من
دخل إليها.
لقد
كنت تحثهم على شد العزم على العمل الصالح، وتقول لهم: (من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ
المنزل ألا أن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة)[2]
ولهذا
كانت تلك الجائزة أعظم محفز للصلاح والتقوى وتجاوز كل العقبات، وتحدي كل الهموم،
فمن يعلم أن مصيره الجنة جد واجتهد وضحى ونسي كل شيء في سبيلها..
حتى
أنك استطعت سيدي أن تهذب أولئك الجفاة الغلاظ من الأعراب بسبب ذكرك للجنة، وحديثك
عنها، وعن النعيم الذي أعد فيها.. وقد روي أن بعض الأعراب جاءك، فقال: (ما ثمن
الجنة؟)، فقلت:(لا إله إلا الله)[3].. وجاء أعرابي آخر فقال:(يا
رسول دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة)، فقلت:(تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم
الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان)، فقال:(والذي نفسي بيده لا أزيد على
هذا شيئا أبدا ولا أنقص منه)، فلما ولى قلت:(من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة