responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 74

عمك ابن عباس.. وقد ملأني ذلك انبهارا وإعجابا وتأثرا؛ فأنت تعظ الجميع، وفي كل المحال، ولا يعنيك أن تنصب لك المنابر، أو يجتمع الناس حولك..

لقد ذكر ابن عباس موعظتك له، فقال: كنت خلف النبي صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم يوما فقَالَ:(يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعَنْ باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا عَلَى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)[1]

ما أجمل هذه الكلمات، وأعظم تأثيرها، فهي تتسلل إلى النفوس والقلوب لتملأها بالحكمة والجد.. فهي لا تذكر المطالب فقط، وإنما تعد بالمواهب.. لعلمها أن النفس الإنسانية مثل ذلك التاجر الذي لا ينشط إلا حيث يجد الأرباح، ولا يتكاسل إلا حيث يفقدها..

ولذلك ذكرت له أن كل معاملة يعامل به الإنسان ربه، سيعامله ربه بها.. فإن حفظ الله حفظه.. وإن سأل الله أجابه.. وإن توكل على الله أعانه.. وإن رجا الله حقق رجاءه.. وإن خاف الله أمنه من كل مخافة.. وهكذا كان يمكن لابن عباس، ولكل من سمع هذه الموعظة البليغة أن يبحر فيها إلى معاني كثيرة جدا، لا تفيد عقله فقط.. إنما تفيد قلبه وروحه ونفسه وكل لطائفه، لتحركها جميعا نحو شمس الحقيقة، وتجعله مقبلا عليها برغبته وكليته.


[1] رواه أحمد (1/ 307)، والترمذي (2518) مختصرا، وقال حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي:« احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا ».

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست