اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70
الدال
عليها، والشارح لها.. فكانت حياتك كلها بلاغا عن الله، وبكل جزئياتها وتفاصيلها.
وكانت
كذلك على الرغم من ثقل التكليف الذي كلفت به، والذي جعلك لا ترتاح ليلا ولا
نهارا.. وقد قال تعالى يخبر عن تلك المشقة التي كنت تلقاها، والتعب الذي كان
يصيبك: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)
قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3)
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي
عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا
وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 1 - 6]
لقد
كان ذلك البلاغ الذي كلفت به غير خاص بالخلق فقط، وإنما كان يبدأ بك، بل كانت أشد
التكاليف تتنزل عليك، وتعفي غيرك، فمع أن غيرك من المؤمنين أعفي من قيام الليل إلا
أنك كنت مطالبا به على الرغم من تعبك الطويل في النهار، ومشقة الأعمال الكثيرة
التي كنت تقوم بها.. لقد قال تعالى يأمرك بذلك: ﴿وَمِنَ
اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]
وكنت
لذلك تسهر أكثر الليل قائما لله إلى أن تفطرت قدماك.. ثم إذا استيقظ الناس لصلاة
الفجر كنت أولهم، بل موقظهم.. ثم تقضي بعد ذلك سائر النهار في تلك الأعباء الكثيرة
التي كلفت بها.. وفي وسط مملوء بالمعاندين والمنافقين والمشاغبين الذين لا يكاد
أحد يطيقهم، وهم متفرقون، لكنك أطقتهم وهم مجتمعون.
ولم
تكن تطلب من ذلك التعب الكبير جزاء ولا شكورا، بل إن الوحي كان يتنزل عليك حينها
ليأمرك بالزهد في كل المتاع، قال تعالى: ﴿
وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ
زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ
وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131]
وحينما
اشتكى أزواجك تلك الحال التي كانوا يعيشون عليها من الفاقة، وطلبوا
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70