responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59

وعندما رآك بعض الأعراب جاثيا على ركبتيك، كما يجثو العبيد، مع أنك كنت حينها في قمة قوتك، قال لك: يا رسول الله ما هذه الجلسة؟ فقلت: (إن الله عز وجل جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا)[1]

لقد أشفق حينها بعض أصحابك عليك من كثرة ازدحام الناس ومخالطتهم، وقال لك: (يا رسول الله إني أراهم قد آذوك، وآذاك غبارهم، فلو اتخذت عريشا تكلمهم فيه)، فقلت له: (لا أزال بين أظهرهم يطئون عقبى وينازعوني ثوبي، ويؤذيني غبارهم، حتى يكون الله هو الذي يرحمني منهم) [2]

ولهذا كنت تعتبر الحجاب نوعا من الاستبداد، وقد قلت محذرا من يتولون القيادة في أمتك من الاحتجاب عن الرعية: (من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة) [3]

وهم يرون القادة ـ مع ضعفهم وقصورهم ـ يستبدون بالرأي، ولا يشاورون رعيتهم، ولا من يكونون معهم.. لكنهم يرونك بخلاف ذلك؛ فمع أن الله تعالى أمدك بإلهامه ووحيه.. ومع أنك في ذاتك في قمة العبقرية والحكمة إلا أنك كنت تستشيرهم، وتنزل عند رأيهم، ولو خالف رأيك، وقد قال الله تعالى يثني عليك بذلك، ويدعوك إلى الاستمرار عليه، حتى يكون ذلك قدوة لكل القادة:﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]


[1] رواه ابن ماجه.

[2] رواه ابن إسحاق الزجاجي في تاريخه.

[3] رواه أبو داود، والترمذي.

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست