اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 57
في
شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته) [1]
ولا
أزال أردد معها ما أنزل الله عليك حينها يأمرك بأن تخاطب الكافرين، وتتبرأ من كل
الجرائم التي يدعونك إلى تأييدها حتى تنال القبول عندهم، قال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ
مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ
وَلِيَ دِينِ (6﴾ [الكافرون: 1 - 6]
لقد
كنت حينها ـ سيدي ـ وكان أتباعك في منتهى الضعف والفاقة والحاجة، وكانوا يُضربون
بكل السياط، ويُسلط عليهم كل ألوان البلاء.. لكنك كنت تأبى أن تضحي بالمبادئ من
أجل المصالح.. أو أن تبيع شريعة الله بشريعة الأهواء.
كان
بعض المشركين حينها قد رأى فيك مخايل النجابة والعبقرية، وعلم أنه سيكون لك شأن
عظيم، وأن دعوتك ستنتصر؛ فلذلك راح يبتهل الفرصة، ويقول لصاحبه، وهو يحاوره: (والله،
لو أني أخذت هذا الفتى من قريش، لأكلت به العرب)، ثم راح يساومك في تلك الأوقات
الصعبة، قائلا: (أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك،
أيكون لنا الأمر من بعدك؟)، فقلت له، بكل هدوء، مع أنك محتاجا لمن ينصرك، ويعينك
على قومك المناوئين لك: (الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء)، فقال لك: (أفتهدف نحورنا
للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك) [2]
وهكذا
كنت ـ سيدي ـ تحمي دعوتك من كل المندسين والانتهازيين الذين يريدون تشويه المبادئ
لحساب المصالح.. لا كما يفعل أولئك القادة الذين يتركون كل قيمهم