اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 56
القائد الملهم
سيدي
يا رسول الله.. أيها القائد الملهم الحكيم الذي استطاع من غير جيوش جرارة، ولا إرث
حضاري عريق، أن يخرج أمة من البدو والأعراب، وفي فيافي ومفازات مجدبة قاحلة، من كل
آثار التخلف والبداوة، إلى كل قيم التقدم والحضارة.. وفي سنين معدودات، على الرغم
من كل ألوان المواجهات التي تعرض لها.. ولم يكتف بذلك، بل استطاع أن يؤسس لدولة
صارت لها القدرة على مواجهة أكبر الإمبراطوريات وتحديها.
ولم
يحصل ـ سيدي ـ مثل هذا في التاريخ جميعا.. لا للقادة التاريخيين، ولا للأنبياء
والمرسلين.. وكان ذلك وحده كافيا للعقول الجادة الصادقة أن تبحث عن سر ذلك المدد
الإلهي الذي أمددت به، والإلهام العظيم الذي ألهمك الله إياه، لتسير في ركاب
النصر، متحديا كل العقبات إلى أن بلغت أمتك أوجها بين الأمم.. وكان ذلك كله
بقيادتك الحكيمة.
وقد
كان في إمكان الأمة لو التزمت هديك، ولم تخالف وصاياك، أن تنشر علم الهداية في
الأرض جميعا، ومن غير جيوش ولا سيوف.. لكن داء الأمم من قبلها تسرب إليها، فخالفت
ما عاهدتك عليه، فحاق بها ما نزل بكل المخالفين لرسلهم، وكنت البريء، وكانوا
الضحايا.
لا
أزال أذكر سيدي كيف كنت في مكة المكرمة، وبين قومك الممتلئين بالقسوة، وأنت تقول
لهم، بعد أن عرضوا عليك أن تملكهم، وتقودهم بما يرغبون، لا بما ترغب الحقيقة
مخاطبا عمك الولي الصالح: (يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 56