بل
إن القرآن نطق بذلك، ودعا إليه، وحذر من تركك إلى غيرك، وقد ورد فيه قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
[الأنعام: 153]
وقد
حدث ابن مسعود عن تفسيرك للآية، واستعمالك لبيانها ما يوضحها أحسن توضيح، فقال: خط
لنا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يوما خطا فقال: (هذا سبيل
الله)، ثم خط خطوطا عن يمين الخط ويساره وقال: (هذه سُبل، على كل سبيل منه شيطان
يدعوه، ثم تلا: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
[الأنعام: 153] يعني الخطوط التي عن يمينه ويساره)[2]
فهذا
الحديث يبين أن سبيل الحق واحد، وسبل الشيطان متعددة، وأن الحق قد يختلط بالباطل
حتى يتوهم الناس أنه الحق.. ويبين فوق ذلك كله أنك أنت مصدر الحق وإمامه.. ومن
ينهل الحق من غيرك ضل.
ولهذا
كان ورثتك الصادقون يحذرون من أولئك الذين تركوك، وراحوا يأتمون بغيرك، وقد قال الإمام
علي، لمن رآهم يهجرونك، ويتبعون غيرك: (أيُّها الناس إنّما بَدْءُ وقوع الفتن،
أهواءٌ تُتَّبع، وأحكام تُبتدع، يُخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال رجالاً،
فلو أنّ الباطل خلص لم يُخف على ذي حجى، ولو أنّ الحق خلص لم يكن اختلاف، ولكن
يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معاً فهنالك استحوذ
[1] البخاري الفتح 5 (2697) واللفظ
له. ومسلم (1718)
[2] أحمد (1/ 435، 465) رقم
(4141)، (4436) والحاكم (2/ 318)
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 54