اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51
ولا
يزال في أناجيلهم إلى اليوم قول المسيح عليه السلام موصياً تلاميذه: (إن كنتم
تحبونني، فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر، ليمكث معكم إلى
الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما
أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم.. إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي
وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً.. الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي
تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني، بهذا كلمتكم وأنا عندكم، وأما المعزي الروح
القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم.. قلت
لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون، لا أتكلم أيضاً معكم كثيراً، لأن رئيس
هذا العالم يأتي، وليس له فيّ شيء) (يوحنا 14/ 15 - 30)
ولهذا
كنت أنت إمام الأنبياء الذين تشرفوا بلقائك، وقد ورد في حديث الإسراء قولك: (وقد
رأيتني في جماعة من الأنبياء.. فحانت الصلاة فأممتهم)[1]
ولهذا
ورد في الأحاديث الكثيرة أنك في ذلك الموقف الشديد الذي تقفه الخلائق يوم الحساب،
وبعد أن يجهدوا للبحث عمن يكون إمامهم وقائدهم وواسطتهم إلى الله للشفاعة بتعجيل
الحساب، تكون أنت إمام ذلك الموقف وسيده.. ولو أنهم بادروا إليك من أول الحساب لما
ظلوا فيه لحظة واحدة.
لقد
كنت تغضب سيدي عندما ترى من يريد أن يأتم بغيرك، أو ينهل الحقائق والقيم من سواك،
ولم يكن غضبك لنفسك، فأنت أرفع وأعظم من أن تغضب لها، وإنما كان غضبك لترك المنبع
الصافي الممتد لمصدر الحقيقة، والاغتراف من الروافد