اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 50
الإمام الممكّن
سيدي
يا رسول الله.. يا من بوأه الله بعد النبوة والرسالة منصب الإمامة الإلهية الرفيع،
ومكن له في الأرض، ونشر اسمه في العالمين، فصار إمام العالم ظاهرا وباطنا، من عرفه
واتبعه وسلك سبيله وصلى خلفه كان من الناجين الفائزين السابقين، ومن راح يبحث عن
غيره، أو رضي بسواه بدلا كان كأولئك الذين طلبوا الذلة بعد العزة، والسراب بعد
الماء، والظلمات بعد النور.
وكيف
لا يكون أمرهم كذلك، وقد أخبر الله تعالى عن الرسل عليهم السلام، وأنهم مع مكانتهم
الرفيعة، أخذ عليهم الميثاق باتباعك، قال تعالى: ﴿وَإِذْ
أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا
أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ
تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
[آل عمران: 81، 82]، وقد ورد في تفسيرها عن تلميذك الأكبر الإمام علي قوله: (ما
بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَث محمدًا وهو حَيّ
ليؤمنن به ولينصرنه، وأمَرَه أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد a، وهم أحياء ليؤمِنُنَّ به
ولينصرُنَّه)[1]
ولهذا
كان التبشير بك، والدعوة لاتباعك جزءا من دعوات الرسل عليهم الصلاة والسلام، وقد
أخبر الله تعالى عن المسيح عليه السلام قوله لقومه: ﴿يَابَنِي
إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ
مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]
[1] تفسير ابن جرير الطبري (2/
236)، وتفسير ابن كثير (1/ 386)، وتفسير البغوي (1/ 322)
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 50