اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47
فقلت
لمن سألك عنه: (أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك)[1]
وكيف
لا تكون معارفك كلها معارف رؤية وشهود، وتلاميذك الذين هم أدنى منك بكثير كانوا
يرزقون رؤية بعض ما ترى، وقد روي عن صاحبك الحارث بن مالك الأنصاري قال: مررت
بالنبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقال: (كيف أصبحت يا
حارث؟) قال: أصبحت مؤمنا حقا. فقال: (انظر ما تقول؟ فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة
إيمانك؟) فقال: قد عزفت نفسي عن الدنيا، وأسهرت لذلك ليلي، واطمأن نهاري، وكأني
أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى
أهل النار يتضاغون فيها. فقال: (يا حارث عرفت فالزم)[2]
لم
تكن معارفك ـ سيدي يا رسول الله ـ معارف قاصرة عليك، بل كنت تبثها بأبلغ عبارة،
وأجمل بيان، حتى يعيش من يسمع كلماتك الحقائق كما هي من غير تبديل ولا تحريف.
وقد
ذكر بعض صحابتك تأثير كلماتك فيهم، فقال: (يا رسول الله، نكون عندك تذكّرنا
بالنّار والجنّة، حتّى كأنّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج
والأولاد والضّيعات، نسينا كثيرا)، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (والّذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذّكر،
لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم)[3]
ولهذا،
فإن الثروة العظيمة من كلماتك الممتلئة بالأنوار، وأدعيتك ومناجياتك التي تدل على
كل حقائق الوجود ومعانيه لا يمكن مقارنتها بكل تراث البشرية.. فلو