اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 38
وإنه
ليكون الشيء فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه)[1]
وهكذا
وردت الروايات الكثيرة عنك، تخبر عن الحقائق العلمية التي كنت تبثها إلى الأمة، وفي
المجالات المختلفة النفسية والاجتماعية.. بل والطبية والفلكية والجيولوجية وغيرها..
وما غاب عنا أكثر بكثير..
وكلها
تتناسب مع مرتبتك العظمى التي بوأك الله إياها، فأنت ـ يا سيدي يا رسول الله ـ الإنسان
الكامل الذي جعله الله قدوة ونموذجا للبشرية جميعا.. وعلوم الإنسان الكامل لا
تحدها التخصصات، ولا تقيدها.. لأنها إن كانت كذلك كانت علامة جهل كبير.. فالمتخصص
مقيد في سجن اختصاصه، ولذلك لا يفسر الأشياء إلا على ضوئها.. فالمسجون في سجن علم
الاجتماع في سجن مدرسة من مدارسه يبني مواقفه على أساسها.. والمسجون في سجون علم
النفس، والمسجون في سجون التخصصات المختلفة.. حتى التخصصات الدقيقة منها..
أما
علومك أنت يا سيدي يا رسول الله، فهي تختلف عن تلك العلوم جميعا، لأنها تستقي من
محيط صبت فيه جميع بحار العلوم والمعارف، أو كانت هي مصدر جميع العلوم والمعارف؛
فعلومك ـ يا سيدي يا رسول الله ـ علوم ربانية تنبع من بحار علم الله الواسع، كما شهد
لذلك قوله تعالى:﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ
أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ
شَهِيداً﴾ (النساء:166)
فهل
يمكن أن ينزل الله عليك شيئا من القرآن الكريم، ثم يحجب عنك علومه ومعارفه.. معاذ
الله، وكيف يكون ذلك، وأنت المكلف ببيان القرآن الكريم، وهل يمكن