اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 37
بل
إنك ـ يا سيدي يا رسول الله ـ أخبرت بذلك عن نفسك، فقلت ـ مخاطبا أصحابك، ومعهم
الأمة جميعا ـ: (إنِّي أرى ما لا ترَون، وأسمع ما لا تسمعون، إنَّ السماء أطت،
وحقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله، والله
لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذَّذتم بالنساء على الفرش،
ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله)[1]
فمن
تأمل هذا الحديث العظيم اكتفى به.. فأنت الصادق الأمين، تشهد لنفسك بما آتاك الله
من فضله، بأن علومك أكبر من أن يستوعبها أهل جيلك أو غيرهم، لذلك كنت ترفق بهم،
فلا تلقي لهم من العلم إلا ما يمكن أن يفهموه، وتستوعبه عقولهم، ولا يكون فتنة
لهم.
وقد
شهد أصحابك لك بذلك، فقد أخبر أبو ذر عن بعض العلوم التي كنت تحدثهم عنها، فقال:
(ولقد تَرَكَنا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وما يُقَلِّب طائر
بجناحيه في السماء إلا ذكرنا منه عِلمًا)[2]
وحدث
أبو زيد الأنصاري قال: (صلى بنا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
صلاة الصبح، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى العصر، ثم صعد
المنبر، فخطبنا حتى غابت الشمس، فحدثنا بما كان وما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا)[3]
وحدث
حذيفة قال: (قام فينا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قائما، فما ترك شيئا
يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه
أصحابي هؤلاء