اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 35
العالم الراسخ
سيدي
يا رسول الله.. يا من علمه ربه من علوم كل شيء، فكانت علومه كلها لدنية وهبية، لا
يحتاج علم شيء إلا وكان بين عينيه ويديه كما هو في حقيقته، لا يتطرق إليه الوهم،
ولا يتسلل إليه الخطأ.
وكيف
يتطرق إليه الوهم، أو يتسلل إليه الخطأ، والمعلم هو الله الذي أحاط بكل شيء علما..
والذي لا يغيب عنه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا في الدنيا ولا في الآخرة؟
وكيف
يتطرق إليه الوهم، أو يتسلل إليه الخطأ، والتلميذ هو أنت ـ يا سيدي يا رسول الله ـ
يا صاحب القلب الطاهر، الذي هو كالمرآة الصافية، تتنزل عليه الحقائق، فيتقبلها كما
هي، وتفيض عليه العلوم؛ فيستوعبها جميعا من غير معاناة؟
وكيف
لا تكون كذلك سيدي، وأنت سيد ولد آدم.. وقد أخبر الله أن آدم عليه السلام عُلم
الأسماء كلها.. وأن الملائكة سلموا له بالخلافة بسبب ذلك.. قال تعالى:
﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى
الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ
بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ
لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا
تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 31 - 33]
فهذه
الآيات الكريمة تشير إلى أن منصب الخلافة الرفيع، والذي كنت أنت ممثله الأعلى،
ونموذجه الأسمى، يقتضي توفر علوم كثيرة جدا إلى الدرجة التي سماها الله تعالى
[الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا]، بل إلى الدرجة التي عجزت الملائكة عليهم السلام أن
يعرفوها..
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 35