اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 342
ولكن
رحمته بهم تجعله ينهج ذلك المنهج.
وقد ورد هذا في شمائلك ـ سيدي ـ فقد وصفك هند بن أبي هالة، فقال: (يضحك
مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق)[1]
وقريب منه ما وصفك به أنس حين قال: (كان إذا لقيه أحد من أصحابه فتناول
أذنه، ناوله إياها، ثم لم ينزعها حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها عنه)[2]
وقريب من ذلك أيضا ما ورد في القرآن الكريم من عتاب الله تعالى لك، وهو
عتاب المحب لمحبه، فعند التأمل في مواردها نجدها جميعا تنبعث من رحمتك بمن تريد أن
تؤلف قلوبهم.. ولذلك فإن ذلك العتاب لم يكن حقيقيا، وإنما هو من باب [إياك أعني
واسمعي يا جارة]
إن
مثله ـ سيدي ـ مثل أن يقول الوالد لمعلم ابنه: لم لم تعاقبه عندما أخطأ؟.. ولم لنت
له مع أنه كان في إمكانك أن تعاقبه؟.. وهو لا يقصد بذلك عتاب المعلم، وإنما يقصد
توجيه اللوم لابنه وتربيته من خلال ذلك.
ولهذا،
فإن قوله تعالى مخاطبا لك: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا
أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ﴾ [التحريم: 1] ليس من ذلك العتاب الذي يفهمه المحجوبون، وإنما هو
من عتاب المحبين..
فأنت
لم تحرم ما أحل الله لك إلا لأنك كنت تشعر أنك مأمور بأن تحسن لزوجاتك، وأن تعطي
المثل للمؤمنين في الرفق بهن مهما أسأن التصرف معك، ولذلك