اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343
كنت
تسعى في مرضاتهن، لا لأجلهن، وإنما لأجل تحقيق عبودية الله في التعامل معهن، ولهذا
نبهك الله، أو نبههن بطريق غير مباشر إلى أن يراعين حسن العشرة معك..
ولهذا
جاء بعد تلك الآيات ذلك التهديد الشديد لنسائك إن أسأن العشرة معك، قال تعالى:
﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ
تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ
طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ
مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا
(5)﴾ [التحريم: 4، 5]
ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى مخاطبا لك: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ
لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ
الْكَاذِبِينَ ﴾ [التوبة: 43]، فقد كنت ـ سيدي ـ في قمة الصفاء والرقة
والرحمة.. ولذلك كنت تقبل كل من اعتذر لك حتى لو كنت تعلم كذبه حرصا عليه ورحمة
به، فنبهك الله أو نبههم إلى أن إذنك لا ينفع إلا الصادقين.
ومثل هذا أيضا تلك الرحمة التي كنت تبديها للمنافقين، والتي تصور البعض
أنك كنت مخطئا فيها حتى جاء من جاء ليصحح لك خطأك.
وهكذا يقال في كل ما ورد في الروايات من استشارتك لأصحابك؛ فلم تكن عن نقص
حكمة، ولا عن حاجتك لهم، وإنما كانت تأليفا لقلوبهم وتربية لهم.
لكن المغرضين سيدي، راحوا يفهمونها من غير مراعاة لقدرك، ولا احترام
لنبوتك، ولذلك رموك بالعظائم، وجردوك ـ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ـ من كل معاني
الحكمة والذكاء والبصيرة، وجعلوك عاجزا تنتظر ما يقرره أصحابك..
وكل ذلك ـ سيدي ـ في سبيل أن يرفعوا أصحابك، ويثبتوا مناقبهم، التي توهموا
أنها لا يمكن أن تثبت إلا بالحط من شأنك، وإبراز ضعفك، لتبرز من خلال تلك المواقف
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343