اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 337
ثم قالوا: فينا السقاية، قلنا: نعم، ثم قالوا: فينا الندوة، فقلنا: نعم،
ثم قالوا: فينا اللواء، فقلنا: نعم، ثم أطعموا وأطعمنا، حتى إذا تحاكت الركب
قالوا: منا نبي، والله لا أفعل[1].
بل إنهم ـ سيدي ـ شهدوا لك بذلك، ومن أول يوم دعوتهم فيه إلى دينك، فكل
المؤرخين متفقون على أنه لما نزل عليك قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214] صعدت على الصفا، فجعلت تنادي: يا بني فهر يا بني عدي
لبطون قريش حتى اجتمعوا، فقلت لهم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن
تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقاً، فقلت: فإني نذير
لكم بين يدي عذاب شديد، قال أبو لهب حينها: تبّا لك يا محمد ألهذا جمعتنا
فنزلت:﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ (المسد:1)[2]
ومن الأعداء الذين شهدوا لك بالصدق رغم عداوتهم الشديدة النضر بن الحارث
الذي خاطب قومه قائلا: (يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله،
ولقد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً، أرضاكم عقلاً، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة،
حتى إذا رأيتم فى صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم قلتم: ساحراً! لا والله ما هو
بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم: كاهن! لا والله ما هو بكاهن، قد
رأينا الكهنة وحالهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر! لا والله ما هو بشاعر، لقد رأينا
الشعر، وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه وقريضه، وقلتم: مجنون! لا والله ما هو
بمجنون، لقد رأينا الجنون، فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه)، ثم قال لهم: (يا
معشر قريش، انظروا