اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 323
زيد
بن سعنة: إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد a حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم
أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف له
لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، قال: فخرج رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من
الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي، فقال: يا رسول
الله، قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا
أتاهم الرزق رغدا، وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث، وأنا أخشى، يا رسول الله، أن
يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا، فإن رأيت أن ترسل إليهم من يغيثهم به
فعلت، قال: فنظر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى رجل جانبه، أراه عمر،
فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله، قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت له: يا
محمد، هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: لا
يا يهودي، ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا، ولا أسمي حائط بني فلان، قلت:
نعم، فبايعني a،
فأطلقت همياني، فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، قال:
فأعطاها الرجل وقال: اعجل عليهم وأغثهم بها، قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل
الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في
جنازة، فلما صلى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت
إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب
بمطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم، قال: ونظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه
كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟ فوالذي
بعثه بالحق، لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك، ورسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم
قال: إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن
التباعة،
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 323