اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 306
ولذلك كنت ـ سيدي ـ من أعظم
الناصحين لنا بذكر الله ودعائه واللجوء كل حين إليه، بل إنك اعتبرت حياتنا متوقفة
على الذكر.. لا على ما نتنفسه من هواء، أو نشربه من ماء.. فالماء والهواء يغذيان
الطين، ويمدانها بالحياة، أما ذكر الله، فهو غذاء الروح ومددها، ولا حياة لمن لم
تحيا روحه.. لقد قلت معبرا عن ذلك: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي
والميت)
[1]
ولهذا كنت تستعمل كل أساليب
الترغيب والترهيب لتحض القلوب والألسن على كثرة ذكر الله، فتقول لها ـ مرغبا في
جوائز الله المعدة للذاكرين ـ: (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة،
وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده) [2]
وتقول لأصحابك أثناء مروركم
في طريق مكة على جبل جمدان: (سيروا هذا جمدان، سبق المفردون)، قالوا: وما المفردون
يا رسول الله؟ قلت: (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) [3]
وترغب الفقراء إلى الله،
الذين لا يريدون من الله إلا الله، بأن الله يذكرهم حالما يذكرونه، وكيفما
يذكرونه، وتقول في ذلك: (قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا
ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)[4]
وهكذا كنت ترشد من يريد من
الأشياء عصارتها، ومن الطرق أخصرها، إلى ذكر الله.. فقد جاءك رجل، فقال: يا رسول
الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث