اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 305
الذاكر النجي
سيدي يا رسول الله.. أيها الذاكر الذي لا
يغفل.. والعابد الذي لا يفتر.. والخاشع الذي لا يتيه قلبه في أودية الأماني..
والنجي[1] المناجي الذي لا يكف عن الحديث إلى ربه،
والحضور بين يديه.
لقد رحت ـ سيدي ـ إلى ما ورد في سنتك
المطهرة من الأدعية المحفوظة عنك، أرتلها، وأقارنها بكل ما ورد في تراث العالم من
أدعية؛ فوجدت أن زمام التواصل مع الله كله بيدك، وأن كل من يريد أن يتعلم كيف
يناجي ربه يحتاج إلى التعلم في مدرستك.. فأنت أستاذ الذكر والدعاء، وشيخ مريدي
الحضرة الإلهية ودار البقاء.. ومن لم يتعلم على يديك تلك الفنون ظل جاهلا في
التعامل مع ربه، مسيئا للأدب معه.
فإذا ضممت إلى ذلك ـ سيدي ـ ما ورد عن عترتك
الطاهرة التي ورثتها علومك وأحوالك وآدابك، ثم أوصيت باتباعها، وركوب سفينة
نجاتها، وجدت من الأدعية والمناجيات والأذكار، التي لم تكن سوى أثر من آثارك، وقبس
من أنوارك، ما لا يمكن عده ولا حصره.. وبذلك تكون هذه الأمة
هي المتفردة بكل الوسائل المؤدية إلى الحضور مع الله، ولا يوجد في الأمم من
يضاهيها فيه أو يدانيها.
ولذلك كان هذا الجانب وحده كافيا للعقلاء والباحثين عن الله، ليستدلوا به
على نبوتك، واستمرارها، فأول أهداف النبوة وأعظمها الدلالة على الله، والتواصل معه،
والذكر والمناجيات هي الحبال الموصولة من الله لعباده لتحقيق ذلك..
[1]
المراد بالنَّجي: المُناجِي، كما قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ﴾ [يوسف: 80]، أي يناجي بعضهم بعضا.
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 305