اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29
العظيم
في الدنيا والآخرة.
وقد
كنت ـ سيدي ـ تتحمل في سبيل ذلك كل ألوان الغلظة والجفاء التي يبدونها لك.. وكنت
تسمع كل ألفاظ البذاءة والشتائم.. لكنك لم تكن تبالي بنفسك.. بل كان حرصك عليهم،
وخوفك على المصير الذي ينتظرهم يدعوك لتحمل كل شيء منهم.
لقد
وصف الله تلك الرحمة العظيمة التي كانت تكسوك ظاهرا وباطنا، وأنت تتعامل مع جميع
أصناف الناس، بل مع أغلظهم طباعا، فقال: ﴿فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ
فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]
ولذلك
كنت نعم الصاحب لهم.. تفرح لفرحهم، وتحزن لحزنهم، وتشاركهم في كل شيء.. وتعيش معهم
كأحدهم.. بل كنت ـ سيدي ـ خادما لهم، تسعى في مصالحهم، وتقضي حوائجهم، بكل لين
ولطف وتواضع.
هكذا
كنت ـ سيدي ـ مثالا للقيم النبيلة، والأخلاق العالية التي جئت لتتممها.
فاعذرنا
سيدي.. فقد أصبح الذين يدعون أنهم يهتدون بسنتك، ويحيون حياتك، من أكثر الناس
قسوة، وأغلظهم طباعا..
لقد
حولوا الرحمة التي جئت بها إلى سكين حادة يذبحون بها الناس.
وحولوا
ذلك اللين والصفاء واللطف الذي كنت عليه صراخا وصياحا ونهيقا.. دونه نهيق الحمير.
وحولوا
كل البشارات التي جئت بها، لتملأ القلوب أملا في رحمة الله وعيدا وإنذارات.. لا
بالحقائق، وإنما بالزيف الذي حرفوا إليه دينك، والذي عجنوه بأحقادهم وأهوائهم.
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29