اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 28
فقد
كان الحزن الشديد يعتريك عند كل إعراض عنك، وعن الهدي العظيم الذي جئت به، لأنك
تعلم جيدا المصير الذي يصير إليه من أعرض عنك..
لقد
ذكر الله تعالى ذلك عنك، ونهاك عنه، فقال: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ
عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [فاطر: 8]، وقال: ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا
مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ
عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 68]
بل
إنه شبه حالك بحال الذي يهلك نفسه من الأسف، فقال: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ
نَفْسَكَ[1] أَلَّا يَكُونُوا
مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3] وقال: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ
عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾
[الكهف: 6]
بل
إنه ذكر أن حرصك الشديد عليهم، بلغ إلى درجة وددت فيها لو يجابون لكل آية
يطلبونها، فقال:﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ
إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ
سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ
لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأنعام: 35][2]
وغيرها
من الآيات الكريمة التي تصور حالك، وأنت تدعوهم بكل ما أوتيت من قوة، ليعرضوا عن
أهوائهم، ويتبعوا الحق الذي جئت به، لتتحقق لهم النجاة والفوز
[1] قال الزمخشري [الكشاف عن حقائق
غوامض التنزيل (3/ 298)]: (البخع: أن يبلغ بالذبح البخاع بالباء، وهو عرق مستبطن
الفقار، وذلك أقصى حدّ الذبح، ولعل للإشفاق، يعنى: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة
على ما فاتك من إسلام قومك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ لئلا يؤمنوا، أو لامتناع
إيمانهم، أو خيفة أن لا يؤمنوا)
[2] قال الزمخشري في تفسيرها
[الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/ 19)]: (والمراد بيان حرصه على إسلام قومه
وتهالكه عليه، وأنه لو استطاع أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى
بها رجاء إيمانهم. وقيل: كانوا يقترحون الآيات فكان يودّ أن يجابوا إليها لتمادى
حرصه على إيمانهم. فقيل له: إن استطعت ذلك فافعل، دلالة على أنه بلغ من حرصه أنه
لو استطاع ذلك لفعله حتى يأتيهم بما اقترحوا من الآيات لعلهم يؤمنون)
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 28