اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 27
أنت
ـ سيدي ـ هدية الله لعباده، وحبله الذي أرسله لإنقاذهم.
وأنت
ـ سيدي ـ ذلك الداعي الذي سار في الأرض يبشر بما أعد الله لعباده من فضله إن هم
أطاعوه.
وأنت
ـ سيدي ـ ذلك الحريص الذي كان يمتلئ ألما لإعراض المعرضين، لا لأجله، وإنما
لأجلهم.. فقد كنت تراهم يتهافتون في النار تهافت الفراش، وأنت تذبهم عنها، لكنهم
يأبون إلا الوقوع فيها.
لقد
عبرت عن ذلك بلسانك البليغ، فقلت: (مثلي كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما
حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه
فيتقحمن فيها، فذلكم مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار، هلم عن
النار فتغلبوني تقحمون فيها)[1]
وشبهت
حالك وحال قومك، فقلت: (إن مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قومه، فقال:
يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من
قومه، فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم
الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني، واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني،
وكذب ما جئت به من الحق)[2]
كان
في إمكانك ـ سيدي ـ أن تكتفي بتبليغ الرسالة، وأداء ما كلفت به كما تعود الناس أن
يبلغوا الرسائل، ويؤدوا ما كلفوا به.. لكنك ـ ولكونك رحمة مهداة ـ لم تكن كذلك..