وكان من حيلهم البشعة، أنهم كانوا يؤمنون في الصباح، ثم يكفرون آخره، كما
قال تعالى: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ
عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾ [آل عمران: 72، 73]
وهي مكيدة عظيمة أرادوها ليلْبسُوا بها على الضعفاء من الناس أمْر دينهم،
ليقولوا: إنما رَدّهم إلى دينهم اطّلاعهُم على نقيصة وعيب في دين المسلمين، ولهذا
قالوا: ﴿لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ﴾، قال ابن عباس: (قالت طائفة من أهل الكتاب: إذا لقيتم أصحاب محمد أول
النهار فآمنوا، وإذا كان آخره فَصَلّوا صلاتكم، لعلهم يقولون: هؤلاء أهل الكتاب
وهم أعلم منا) [1]
ولم يكتف أعداؤك بكل ذلك، بل راحوا يفرضون عليك كل أنواع
الحروب؛ فلم تكن تخرج من حرب معهم حتى تدخل في حرب أخرى.. إلى أن نصرك الله عليهم
نصره المؤزر من غير أن تلين، أو تستسلم، أو تكف عن المواجهة.