اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 277
قال: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشئ أبدا، ثم راح
ينشد:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم
حتى أوسد في التراب دفينا
فامضي لأمرك ما عليك غضاضة
وابشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي
فلقد صدقت وكنت ثم أمينا
لقد رحت سيدي أتخيل هذه
المشهد.. فوجدته في منتهى الألم ذلك أن أبا طالب كان بمثابة أبيك، فقد تربيت في
بيته، وكفلك في صغره بعد موت جدك.. ولو أنه لم يكن لك من الثبات والصدق ما كان لك
لم تكن لتترك عمك يعاني كل ذلك العناء؟
ليس ذلك فقط.. فلم
تيأس قريش من تأليبب أهلك عليك، بل راحت تمارس كل أنواع المساومة، وأشرسها
وأحقرها.. ومنها تلك المساومة التي تدل على مدى انحطاط القيم التي كان يتبناها
أعداؤك؛ فقد جاءوا بعمارة بن الوليد بن المغيرة، وهو ابن لألد أعدائك، وقالوا
لعمك: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله
ونصره واتخذه ولدا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف ديننا ودين
آبائك وفرق جماعة من قومك وسفه أحلامهم فنقتله، فإنما هو رجل برجل.
حينها قال عمك لهم:
والله لبئس ما تسومونني! أتعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله
ما لا يكون أبدا، أرأيتم ناقة تحن إلى غير فصيلها؟
حينها
أعلنوا الحرب الشرسة على كل من اتبعك، عسى أن يثنيك ذلك عن دعوتك.. لكنك ـ مع ألمك
الشديد لما حصل لهم ـ لم تكن تتنازل عن الحق، وقد روي أن بعض أصحابك من المعذبين
جاءك في ذلك الحين، وقال لك: (ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟)، فقلت له: (إن كان من كان قبلكم ليمشط
أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار
على مفرق رأس أحدهم، فيشق باثنتين ما
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 277