اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 276
قبل بعثتك، وكان أول المؤمنين بك بعدها.
لقد جاء أئمة الشرك حينها إلى عمك أبي طالب بعد أن رأوا مواقفه في صالحك،
فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل
آباءنا، فإما أن تكفه وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من
خلافه فنكفيكه.
وكان أبو طالب هينا لينا، لذلك ردهم بسلاسة، ليكفوا عنك؛ فقد كان يدرك أن
المواجهة الشديدة مع أولئك الأجلاف الغلاظ لن تجدي شيئا، بل قد تكون مضرة بك
وبدعوتك.
وبعد أن فعل ذلك ـ سيدي ـ لم تلن، ولم تتوقف عن دعوتك، خشية على عمك الذي
بذل كل شيء في سبيلك.. وإنما مضيت في دعوتك، كما أمرك الله تعالى، لا تبالي بكل ما
يحول بينك وبينها.
بعد أن رأى رؤوس الشرك ما أنت عليه من ثبات، وأن كلامهم مع عمك لم يؤثر
فيك.. جاءوا إلى عمك مرة أخرى فقالوا له: يا أبا طالب إن لك سنا وإن لك شرفا
ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على
هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في
ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.
في ذلك الموقف الشديد، وبعد أن سمعت ما قالوا، جئت لعمك الصالح، لا لتعده
بالتراجع حرصا عليه، وإنما قلت له كلمتك العظيمة التي أصبحت شعارا لكل المقاومين:
(يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى
يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته)
ثم رحت تبكي ألما لعمك الذي لم يرحم المشركون كبر سنه، فلما رآك كذلك
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 276