responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 23

تفعل.. ولم تهم.. ولم يخطر على بالك.. بل كنت ترسل لهم بذلك الشعار الذي صار علما وراية لكل الأحرار: (واللَّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره اللَّه أو أهلك فيه ما تركته)[1]

ولم يكن ذلك ـ سيدي ـ ألمك الوحيد.. بل إن قومك وإمعانا في استعمال كل الوسائل لصدك عن دعوتك، راحوا يواجهونك بعشيرتك.. حيث حاصروك معهم في الشعب، ومنعوهم الأقوات أن تصلهم، حتى استبد بك وبهم الجوع الشديد.. وكنت ترى كل ذلك، وتتألم له ألما شديدا.. لكنك لم تكن لتترك دعوتك مهما كلفك الثمن..

ثم قدر الله لك أن تهاجر من تلك البلاد التي آذتك.. لتذهب إلى المدينة التي تنورت بنورك.. وتقطع في رحلتك إليها كل أنواع التعب والألم، وأنت تتخفى من تلك العيون التي تترصد لك، والسيوف التي تهم بقتلك.

وفي المدينة لم تركن للراحة.. بل كنت تواجه آلاما لا تقل عن تلك الآلام التي واجهتها في مكة.. فقد كان هناك المنافقون واليهود ومرضى القلوب.. والذين راحوا يتفنون في إيذائك.. ولم تكن تملك معهم إلا الصبر الجميل.. ولم تكن تعاملهم إلا بتلك الرحمة التي ملأت كيانك كله.

ولم يكتف الحاقدون بالكلمات يحاربونك بها.. بل كانوا يرسلون كل حين جحافل جيوشهم، لضربك وضرب الثلة المؤمنة معك.. فكنت تقطع المسافات الطويلة كل حين لصد كل عدوان، ومواجهة كل مؤامرة..

وأنت أثناء ذلك كله تسمع الكلمات الجارحة من المنافقين ومرضى القلوب..


[1] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (2/ 327)

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست