responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 22

ولم يكن ذلك ألمك الوحيد ـ سيدي ـ بل كنت تسير على قدميك المسافات الطويلة، وأنت تبشر وتنذر، وهم خلفك يستهزئون بك، ويحذرون منك.. وأنت لا تبالي بما يقولون، ولا ما يفعلون.

ولم تكتف في سيرك بأسواق عكاظ، ولا ذي المجاز ولا غيرها من الأسواق.. بل كنت تقطع المسافات الطويلة.. حتى أنك سرت إلى الطائف رجاء أن تجد فيهم من اللين ما لم تجده في قريش..

لكنهم استقبلوك ـ لا كما يستقبلون الدعاة عندنا بالهدايا والتحف ـ وإنما بالحجارة التي أدمت قدميك.. فرحت تفر منهم، وتشكو إلى ربك ما نزل بك من الهموم والآلام من غير ضجر ولا انزعاج.. بل كانت شكواك شكوى المحبين.. تقول له فيها: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك)[1]

وهكذا كانت حالك مع أولئك الأجلاف الغلاظ الذين كانوا يهمون كل حين بقتلك إلا أن الله عصمك منهم..

وكنت تعلم كل ذلك.. وتعلم كل التهديدات التي توجه لك كل حين.. وتعلم معها كل الإغراءات التي تقدم لك إن أنت تركت دعوتك، وسرت في طريقهم.. لكنك لم


[1] سيرة ابن هشام (1/ 420)

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست