responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 21

أو ابن أبي كبشة.. أو ما شاءت لهم لغتهم من ألفاظ البذاءة، وما شاءت لهم نفوسهم من سموم الحقد.

لقد كنت مترفعا عليهم، لأنك لم تكن تستمع إلا إلى ربك، وهو يسليك بقوله: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99]، ويقول لك: ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 54، 55]

لم تكن تسمع إلا إلى ربك، وهو يحكي لك قصص الأنبياء، وهم يعانون مثلما تعاني، ويتألمون مثلما تتألم.. ليكون ذلك الألم، وتلك التضحية علامة الصدق الأكبر.. فهل يمكن للكاذب والمدعي أن يضحي أو يتألم أو يرضى بأن يواجه بمثل تلك المعاملات القاسية؟

ولم تكن تلك المعاملات القاسية قاصرة على الكلمات البذيئة الممتلئة بالحقد.. بل كانت تتحول كثيرا إلى أفعال، تنم عن حقد عظيم..

لقد سجل لنا الرواة بعض مشاهد تلك الآلام.. حيث ذكروا لنا أنك ـ سيدي ـ كنت تصلي بفناء الكعبة، ومع علمهم بحرمتها إلا أن بعضهم جاء إليك، وأخذ بمنكبك، ولوى ثوبه في عنقك، وخنقك خنقا شديدا[1]..

ورووا أنهم كانوا يطرحون عليك أحشاء الذبائح، وأنت تصلي.. بل كانوا يضعونها في طريقك، وأمام بيتك.. ولم تكن تملك إلا أن تقول لهم: أي جوار هذا[2]؟.. ثم تستمر في دعوتهم إلى الله، وبأسلوبك الهادئ الممتلئ بالحكمة والرحمة والتواضع.


[1] صحيح البخاري، 4/1814.

[2] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (2/ 463)

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست