responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 24

فكنت تواجهها بالابتسامة والهدوء، والصفح الجميل، كما علمك ربك، فقال: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر: 85]

وهكذا ـ سيدي ـ كانت حياتك جميعا.. مملوءة بالمتاعب والآلام، ومع جميع أصناف المعتدين الظالمين..

وفي الليل وعندما يركن المتعبون إلى الهدوء والراحة، أو إلى الحديث والسمر.. كنت أنت تتوجه إلى القبلة، وتفترش جبهتك، ساجدا لربك.. لا تكتفي بالركعات المحدودات، ولا بالدقائق المعدودات.. وإنما كنت تقوم أكثر الليل، لقد قال ربك يذكر ذلك عنك: ﴿نَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [المزمل: 20]

هذه ـ سيدي ـ أمثلة عن بعض المتاعب والآلام التي مررت بها.. ولا يمكنني أن أعددها.. فالرواة لم يسجلوا إلا بعض مشاهداتهم..

ولو أن العقلاء تأملوا فيها.. ورأوا أنك في حياتك جميعا لم تكن سوى المضحي والمتألم الذي كان يعصب الحجر على بطنه من الجوع.. ثم عندما مات لم يترك دينارا ولا درهما.. بل كان يعيش حياة بسيطة جدا.. لو تأملوا في ذلك وحده، لعلموا مدى صدقك وإخلاصك.. وأنك لم تكن تمثل سوى الحقيقة، وبأجمل صورها.

ومما يزيد في تأكيد ذلك ـ سيدي ـ أنه كان يمكنك أن تنال ما تشاء من قومك وغيرهم إن أنت تركت دعوتك، واستسلمت لرغباتهم.. لكنك لم تفعل.. بل لم تطلب من الذين اتبعوك أو غيرهم جزاء ولا شكورا.. وإنما كانت حياتك كلها لله، ولم تكن تطلب شيئا إلا من الله.

اعذرنا ـ سيدي ـ فنحن الذين كان ينبغي لنا أن نتخذك أسوة لم نفعل.. فالدعاة

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست