اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 179
وهكذا
أخبرت عن أولئك الظلمة الذين يحرفون دينك، ويحولونه من دين العدالة إلى دين
الاستبداد.. ومن دين العقل إلى دين الخرافة.. بل إنك لم تترك شيئا يتعلق بهم إلا
ذكرته، وحذرت منه.. ومن تحذيراتك في ذلك قولك: (خذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا
صار رشوة على الدين فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه؛ يمنعكم الفقر والحاجة، ألا إن رحى
الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا
تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون، إن
عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم)، فقالوا ـ عندما سمعوا ذلك منك ـ: يا رسول
الله كيف نصنع؟ فقلت: (كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم نشروا بالمناشير وحملوا على
الخشب. موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله) [1]
وقد
ذكرت ـ سيدي ـ خوفك على ما يحصل بعدك من تسلط الأئمة الظلمة، ومن يعينهم من علماء
السلاطين، فقلت: (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)[2]
وقد
نبهت أمتك إلى كيفية التعامل مع هؤلاء الأمراء المستبدين، فقلت: (اسمعوا، هل سمعتم
أنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني
ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم
يصدقهم بكذبهم، فهو مني وأنا منه، وهو وارد علي الحوض)[3]
ولم
تكتف ـ سيدي ـ بتلك التحذيرات العامة، بل ضممت إليها الكثير من الإشارات بل
التصريحات التي تدل على منابع الفتن ومصادرها، ومن ذلك حديثك عمن