اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 178
ولم
يبق منهم غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول،
فإني والله ما كَذبت ولا كُذبت، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج، قال: راقبي
الطريق، قال: فبينا هي كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم، فأقبل
القوم حتى وقفوا عليها فقالوا: ما لك؟ فقالت: أمرؤ من المسلمين تكفنوه وتؤجرون
فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في
محورها يبتدرونه، فقال: أبشروا، فأنتم النفر الذين قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فيكم ما قال، ثم أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن لي
ثوباً من أثوابي يسع لأكفن فيه، فأنشدكم بالله لا يكفني رجل منكم كان عريفاً أو
أميراً أو بريداً، فكل القوم قد نال من ذلك شيئاً إلا فتى من الأنصار كان مع
القوم، قال: أنا صاحبك، ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأحد ثوبي هذين الذين علي، قال:
أنت صاحبي، فكفنه الأنصاري في النفر الذين شهدوه منهم حجر بن الأدبر ومالك الأشتر
في نفر كلهم يمان[1].
وعن
القرظي، قال: خرج أبو ذر إلى الربذة فأصابه قدره، فأوصاهم أن غسلوني وكفنوني، ثم
ضعوني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فأعينونا على غسله ودفنه ففعلوا.. فأقبل عبد الله بن
مسعود في ركب من العراق، وقد وضعت الجنازة على قارعة الطريق، فقام عليه غلام،
فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: فبكى عبد الله بن
مسعود قال: سمعت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يقول: (تمشي وحدك، وتموت
وحدك، وتبعث وحدك)[2]
[1]
رواه أحمد من طريقتين أحدهما هذه، والأخرى مختصرة عن إبراهيم بن الأشتر عن أم ذر،
ورجال الطريق الأولى رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه باختصار.