اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 177
وقلت
عن قريش، تلك التي حاربتك في حياتك، وحاربت دينك بعد موتك: (ولعت قريش بعمار.. ما
لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، قاتله وسالبه في النار)[1]
بل
إنك ـ سيدي ـ أخبرت عمارا عن آخر طعام يتناوله، فعن أبي البختري، أن عمار بن ياسر
أتي بشربة لبن فضحك، وقال: إن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
قال لي: آخر شراب أشربه لبن حين أموت[2].
وقد
حصل ما أخبرت عنه، وبدقة، فقد كان عمار في جيش الإمام علي يوم صفين، وقتله معاوية
وجيشه من أهل الشام الذين خرجوا بغاة ظالمين.
ولهذا
كان عمار يذكر لمن يعوده في أمراضه أنه لن يموت فيها، بناء على تلك الوعود التي
وعدته بها.. فعن مولاة لعمار قالت: اشتكى عمار بن ياسر شكوى ثقل منها، فغشي عليه،
فأفاق، ونحن نبكي حوله قال: ما يبكيكم؟ أتحسبون أني أموت على فراشي، أخبرني حبيبي
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنه تقتلني الفئة
الباغية، وأنا آخر زادي مذقة من لبن[3].
وهكذا
أخبرت أبا ذر الغفاري
بالبلاء الذين ينتظره، وقد شاهده أبو ذر رأي العين، فعن إبراهيم بن الأشتر، أنه
لما حضر الموت أبا ذر، وهو بالربذة فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه
لا يد لي بنفسك، وليس عندي ثوب يسع لك كفناً، قال: لا تبكي، فإني سمعت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة
من المؤمنين)، قال: فكل من كان معه في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية،