اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 162
الأخشبين[1]، فقلت: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، لا يشرك به شيئا)[2]
إن الذي يشاغبون في ذلك ـ سيدي ـ يشبهون ذلك المريض الذي يطلب من طبيبه أن
يدس له السم، ويقتله، حتى يريحه من العذاب.. لكن الطبيب الرحيم لا يستجيب له، بل
يتعامل معه بلطف إلى أن يقدر الله له الشفاء..
وكذلك فعلت سيدي.. فقد كان رفضك لما طلبوه منك رحمة بهم، وحرصا عليهم، لا
عجزا، فالله فوض لك أن تنفذ ما طلبوه منك، وأنت ـ برحمتك ورأفتك ـ رفضت.. وقد علم
الله منك ذلك.. ولذلك كنت أهلا لأن تكون رحمته للعالمين.
وهكذا راحوا إلى قوله تعالى:﴿ وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ
أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا
الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ
يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: 109] يفهمون منها أنه لم تظهر على يديك أي معجزات
حسية، وقد وهموا في ذلك؛ فالآية الكريمة لا تنفي ذلك، وإنما تنفي استجابتك لما
اقترحوه من الآيات والمعجزات، ذلك أن من سنة الله تعالى في أقوام الأنبياء أنهم
إذا أنكروا المعجزات التي اقترحوها يعذبون بسبب ذلك.
وقد روي في سبب نزول هذه الآية أن قريشا كلموك، فقالوا: يا محمد تخبرنا أن
موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، وتخبرنا أن عيسى كان
يحيي الموتى، وتخبرنا أن ثمود كان لهم ناقة فآتنا من الآيات حتى نصدقك، فقلت لهم:
(أي شيء تحبون أن آتيكم به)، قالوا: تجعل لنا الصفا ذهبا، فقلت لهم: (فإن فعلت