اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125
فهم
غير مكلفين إلا بها.. وأما المكانية؛ فهو كونهم في أقصى الأرض، ولم يتهيأ لهم أن
يسمعوا بالإسلام، فهم غير مؤاخذين بسبب ذلك.
ولو
أنهم تواضعوا، ورجعوا إلى الأسلوب القرآني في التعبير، لوجدوا الله تعالى يقول عند
حديثه عن بني إسرائيل: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ
وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: 159]، فهذه الآية الكريمة لا تقصد وجودهم في
كل الأزمنة، وإنما تقصد وجودهم في الأزمنة السابقة قبل رسالتك، لأنه بعد إرسال
الله لك صار على الجميع وجوب اتباعك.
ولو
أن هؤلاء المجادلين استمعوا بوعي وتدبر لما ورد في القرآن الكريم في نصارى نجران
المسالمين الذي تعاملت معهم بكل سماحة ولطف، ولكنك مع ذلك لم تسكت عن كفرهم
وجحودهم عن اتباعك، بل دعوتهم إلى المباهلة، التي نص عليها قوله تعالى: ﴿
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا
نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا
وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ
﴾ [آل عمران: 61]
وقد
ورد في تلك الآيات التي تخاطبهم قوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ [آل عمران: 70]، وقوله
لهم: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ
وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 71]
وهكذا
ورد في القرآن الكريم الآيات الكثيرة التي تخبر عن الموقف الحقيقي من أهل الكتاب،
وهو الموقف الذي يبين ضلالهم عن الحق، وكفرهم بسبب عدم اتباعهم لك، في نفس الوقت الذي
تأمر فيه بالسماحة معهم، وتأليف قلوبهم..
ولا
تعارض بين الأمرين، فالقول بكفرهم وجحودهم للحق، لا يقتضي المعاملة
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125