اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 126
السيئة
لهم؛ فقد تعاملت مع وفد نجران بكل سماحة وأدب، ولكنك مع ذلك لم تداهنهم ولم تجاملهم،
ولم تنزل إلى رغباتهم، بل بينت لهم حقيقة ضلالهم، ودعوتهم إلى المباهلة عند جحودهم
لها.
ولو
أن هؤلاء المشاغبين والمجادلين والمنفرين من اتباعك، رجعوا إلى الكتب التي يصورون
أنها تعوض القرآن، والأنبياء الذين يتوهمون أنهم يعوضونك، لوجدوا غير ما كانوا
يظنون..
ذلك
أن كل البشارات التي تبشر بك في تلك الكتب تخبر أن رسالتك للعالمين، وأن على
اليهود والنصارى وغيرهم وجوب اتباعك، ذلك أن كل الشرائع تنسخ بشريعتك، وقد ورد في إنجيل
متى [5/17-18] قول المسيح عليه السلام: (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو
الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض
لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل)، فهذا المبشر به هو
الكل الذي له الكل، وهو أنت يا سيدي يا رسول الله.
لقد
قال هذا في نفس الوقت الذي قال فيه عن نفسه كما جاء في إنجيل متى [15 / 24]: (لم
أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة)؟
ولهذا
جاء اليهود إلى المدينة المنورة، لأنهم كانوا يترقبون مجيئك إليها بحسب ما تدل
عليه كتبهم، والتي تأمرهم بوجوب اتباعك، كما قال تعالى مخبرا عن ذلك: ﴿
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ
وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا
جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾
(البقرة:89)
فهذه الآية الكريمة تنص على أن اليهود كانوا من قبل مجيئك بالقرآن
الكريم يستنصرون بمجيئك على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم، وقد نقل لنا
المؤرخون ـ
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 126