اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 121
المشاغبون
كل هذه النصوص الصريحة الواضحة، وراحوا يتعلقون بالمتشابهات من النصوص، والتي دل
القرآن الكريم نفسه على معانيها..
لقد
فعلوا مثلما فعل المجسمة وغيرهم الذين تعلقوا بنصوص متشابهة تحتمل معاني متعدد،
وراحوا يفرضون عليها المعنى الذي يريدون، من دون أن يحاولوا الجمع بين النصوص كما هو
الأصل في التعامل مع النصوص المقدسة عند التعارض.
ومن
تلك النصوص التي راحوا يستدلون بها ما ورد في القرآن الكريم من دعوة أهل الكتاب لإقامة
التوراة والإنجيل، كقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ
عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [المائدة: 68]، وقد توهموا أن هذه الآية
الكريمة تدعو أهل الكتاب للعمل بكتبهم، وعدم العودة للقرآن الكريم، الذي جعله الله
مهيمنا على كل الكتب.
وقد
غفلوا عن أن تلك الآية الكريمة قد عقبت مباشرة بما يزيل الفهم السيء الذي قد يفهم
منها؛ فالله تعالى عقبها بقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا
أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى
الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 68]، حيث اعتبرهم كافرين لإعراضهم عما
أنزل من القرآن الكريم.
وبذلك
فإن الذي يقيم التوراة والإنجيل مضطر معهما لإقامة القرآن الكريم، حتى لا يكون من
الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا
خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ
الْعَذَابِ﴾ [البقرة: 85]
فإذا
فعلوا ذلك، وأقاموا القرآن الكريم نتيجة إيمانهم به مثل إيمانهم بكتبهم، ونتيجة
إيمانهم بك، ذلك أنه لا يمكن الإيمان بك دون الإيمان بما أنزل عليه.. حينها
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 121