وقد
لاقت نظريات واتس معارضة شديدة، اضطر بعدها إلى اعتزال المجتمع الأكاديمي نهائياً
في عام 1921، وأخذ يشتغل بمهنة تجارية في الميدان الإعلاني.
ب ـ العقل بحسب
الرؤية العلمية الجديدة:
بخلاف
الرؤية السابقة ـ والتي سببها انتشار الفلسفة المادية بعد الصراع الذي حصل مع
الكنيسة ورجال الدين ـ ذهبت الرؤية العلمية الجديدة ـ بعد أن زال ذلك الانبهار
بالعلم، وعرف العقل الإنساني محدوديته ـ إلى الإقرار بوجود العقل، وأنه خارج
المادة، وأن له علاقة بالجسم، والدماغ خصوصا، ولكنه ليس الدماغ، وإنما شيء آخر.
وقد
أثبت العلم ذلك بأدلة كثيرة، ابتدأت أولا ـ كما يذكر صاحبا كتاب [العلم في منظوره
الجديد] ـ بتلك النظرة العلمية الجديدة للكون، والتي ظهرت بعد بنظرية النسبية
وميكانيكا الكم اللتين برهنتا على محورية العقل حتى في مجال الفيزياء.
ثم حظيت
هذه النظرة الجديدة بتأييد كبار العلماء، في علم الأعصاب، والذين كشفوا النقاب عن
أدلة تثبت استقلال العقل، واستحالة إرجاعه إلى المادة.
وهكذا
ظهرت في علم النفس المعاصر حركة تتجه إلى النتيجة ذاتها، وهي أولية العقل، ففي
أعقاب الحرب العالمية الثانية شعر كثيرون من علماء النفس أن إخضاع العقل للغريزة
في طريقة التحليل النفسي، وإلغاء العقل في السلوكية، قد أفضيا إلى تجريد الإنسان
من إنسانيته في علم النفس، معتبرين أن هذا موقف لا يطاق في فرع من فروع المعرفة
مكرس لخدمة الجنس البشري، وبذلك التحمت في الخمسينات من هذا القرن (قوة ثالثة) في
علم النفس إلى جانب القوتين الأخريين:التحليل النفسي والسلوكية[2].