اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 71
يقول د. محمد كامل حسين معبرا عن هذا المعنى:
(في الكون نظام، وفي العقل نظام، والمعرفة هي مطابقة هذين النظامين. والنظامان من
معدن واحد، والمطابقة بينهما ممكنة لما فيهما من تشابه. ولولم يكونا متشابهين
لاستحالت المعرفة. ولولم تكن المطابقة بينهما ممكنة ماعلم أحد شيئاً ؛ وتشابه
النظامين الكوني والعقلي ليس فرضاً يحتاج الى برهان ؛ بل هو جوهر إمكان المعرفة.
ومن أنكره فقد أنكر المعرفة كلها. وهذا الانكار خطأ يدل عليه ماحقق العقل من قدرة
على التحكم في كثير من الأمور الطبيعية. ولم نكن لنستطيع تحقيق شيء من ذلك لو أن
النظامين كانا مختلفين، ومهما تتغير المعرفة ومذاهب التفكير وفهمنا للكون فإن
الحقيقة التي ثبتت ثبوتاً قطعياً هو هذا التوافق بين نظام الكون ونظام العقل)
[1]
بناء على هذا نحاول في هذا المبحث التعرف على
بعض الأمارات التي استطاع العلم أن يكتشف من خلالها عدم اقتصار الحقيقة الإنسانية
على المكونات البيولوجية التي يحويها جسمه، وهو ما يعني وجود مكون آخر غير هذه
الخلايا والأنسجة التي يعتريها الموت.. وهو ما يعني أن الموت الذي يصيب هذه
الأجهزة لا يمكن تعميمه على غيرها.
1 ـ الموت وحقيقة الإنسان:
يستند أصحاب النظرية العلمية القديمة على نفيهم
للحياة بعد الموت، إلى نظرتهم للإنسان، باعتباره كيانا ماديا، ينتهي، أو ينعدم
بمجرد تحلله، أو كما عبر عن هذه النظرة (ت ر. مايلز) عند جوابه على سؤال يقول: (هل
هناك حياة بعد الموت؟)، فقد قال: (لا... لاحياة بعد الموت، لأن الحياة التي أعرفها
لاتوجد الا في ظروف معينة من تركيب العناصر المادية. وهذا التركيب الكيماوي لايوجد
بعد الموت، اذن: فلاحياة بعد الموت)[2]
ويضيف: (البعث بعد الموت حقيقة تمثيلية، وليس
بحقيقة لفظية.. إنها قضية قوية