اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70
الحياة.
يقول الفيلسوف الكبير د. محمد كامل حسين[1] في كتابه (وحدة المعرفة): (إذا أردنا أن تكون
صورة المعرفة كاملة تامة فليس لنا مناص من البحث في طبيعة العقل وكنهه، فهو جهاز
التفكير الذي به تتحدد المعرفة) [2]
لكنه يدرك مدى صعوبة البحث في هذا، وعدم توفر
الإمكانيات الكافية للعلم في البحث في مثل هذه المسائل، فقال: (ولكننا لانرى البدء
بهذا البحث. لأن ذلك يكون خطأ منهجياً. وقد بينا من قبل أن البدء بالبحث في تحديد
العلاقات بين غايات الأمور ومعقداتها لايؤدي الى الحقيقة. والبحث في طبيعة العقل
يجب أن يكون آخر البحوث كلها. ويجب أن لانتناوله الا بعد أن يتم علمنا بالكون
والانسان. ويكفينا الآن أن ننظر الى العقل على أنه نور يلقى على الأشياء فيضيئَها،
ويتيح لنا فهمها. ولنا أن نستخدمه جهازاً للتفكير دون أن نفهم ماهيته، حتى تتم لنا
صورة المعرفة كاملة فنضعه منها موضعا حقا لا نستطيعه في أول البحث)[3]
وبناء على هذا ينصح بعدم البحث عن حقيقة
العقل ـ والذي يمثل الحقيقة الإنسانية ـ فذلك مما لا يمكن للعلم إدراكه بوسائله
المحدودة، وإنما محاولة استعمال عالم الآفاق للتعرف على عالم العقل، وهو نفس ما
ذكره القرآن الكريم حين مزج بين كلا العلمين، فقال: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا
فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53]
[1]
الدكتور محمد كامل حسين (1901 - 1977)، أستاذ جراحة عظام مصري وأديب، وأول مدير
لجامعة إبراهيم (جامعة عين شمس حاليًا) عند إنشائها عام 1950، وأول رئيس لجمعية
جراحة العظام المصرية عند إنشائها سنة 1948..
[2]
وحدة المعرفة، الدكتور محمد كامل حسين، مكتبة النهضة المصرية، ص 11.