اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 69
أولئك الذين يدرسون الحياة قد ضلوا طريقهم
في غاب متشابك الأشجار، أو أنهم في قلب دغل سحري لاتكف أشجاره التي لاعداد لها عن
تغيير أماكنها وأحجامها.. فهم يرزحون تحت عبء أكداس من الحقائق التي يستطيعون أن
يصفوها، ولكنهم يعجزون عن تعرفها أو تحديدها في معادلات جبرية)[1]
وهكذا رد عالم النفس السلوكي (ب. ف. سكينر)
على الذين يحتقرون الفلاسفة القدامى، متوهمين أن العلم الحديث قضى على الفلسفة، أو
أنه تطور بحيث لم يعد هناك مبرر لوجودها، فقال: (كان من الممكن أن يقال قبل ألفين
وخمسمائة عام أن الانسان كان يفهم نفسه كما كان يفهم كل جزء آخر من عالمه. لكن
فهمه لنفسه اليوم هو أقل من فهمه لأي شيء آخر. لقد تقدمت الفيزياء والبيولوجيا
تقدما كبيرا الا أنه لم يحدث أي تطور مشابه في علم السلوك البشري، فليس للفيزياء
والبيولوجيا اليونانية الآن سوى قيمة تاريخية، ولكن محاورات أفلاطون لاتزال مقررة
على الطلاب ويستشهد بها كما لو أنها تلقي ضوءا على السلوك البشري، وما نحسب أن
بمقدور أرسطو أن يفهم صفحة واحدة من الفيزياء والبيولوجيا الحديثة، ولكن سقراط
وأصدقاءه لن يجدوا صعوبة في متابعة أحدث المناقشات الجارية في مجال الشؤون
الانسانية. وفيما يتعلق بالتكنولوجيا فقد قطعنا خطوات هائلة في السيطرة على عالمي
الفيزياء والبيولوجيا، ولكن ممارساتنا في الحكم والتربية لم تتحسن تحسنا ملحوظا)[2]
وهكذا يصرح كل العلماء المحققين بأن المعارف
العلمية المرتبطة بالإنسان محدودة جدا، ولذلك ليس لها أن تقرر تلك القرارات
الخطيرة التي يدعيها المبتدئون من الباحثين، والذين تصوروا أنهم وصلوا إلى الحقائق
التي يمكنهم من خلالها اختصار الحياة في هذه